جريدة الصباح العربي ترحب بالزوار ... أنتم الآن في بيت المدّونين ... هنا الجروب الرسمي للجريدة على الفيس بوك .... لو عاوز تنشر معانا كل اللى عليك تبعت قصتك أو المقالة بتاعتك في رسالة على الميل أنتظرونا قريباً بالأسواق
الاثنين، 1 يونيو 2009

مسابقة القصة القصيرة  

الإله

قصة قصيرة
آدم الدرعمي

أتيتُ ،، وفي ثنايا جعبتي أسرار ،

ليس لَوْني هو العائق الوحيد بيننا ،

ليس ذنبي أنني لستُ من هنا ،،

واردٌ أن أكونَ ابنَ فرعونٍ أصيلٍ لم يجد نفسَه

بين هؤلاءِ الرافضينَ لي ،

ربما حَـنَّ دمُ الفرعونِ إليكِ فجئتُ أنا

في لياليكِ السعيدةِ جئتُ أرنو للسعادةِ ، جئتُ أمرحُ

بعدما سمعَ الشبابُ كُـلُّهم في قريتي عنكِ ،

عن شوارعِـكِ الواسعةِ الـمُـتَلألِـئَـةِ ،

عن حُسَـيْنِكِ والزمالكِسامحيني لم يدعني الناسُ أحيا هنا أكثرَ

آهٍ ،، هذه حكايةٌ طويلةٌ بدأت منذُ جئتُ صبيًّا ،

لم أكن أعلم أنَّ المصريين صاروا يفخرون بمصريـَّتِهِم وناصِـرِهم

حتى تصوَّروا أنفسَهم آلهةً

و صِرنا نحنُ عبيدًا لهم ولكبيرِ الآلهةِ

بحثتُ عن عملٍ فلم يجدوا فيَّ غيرَ خادمٍ

في قصرِ أحدِ الآلهةِ

شابٌ أسودُ البشرةِ حسنُ القَسَمَاتِ مُنبَسِطُ الجسدِ

وسيمٌ رغمَ سوادِ لونـِي ،،

استخدمني لأساعده في لبسِ بزَّتـِه العسكريةِ الفخمةِ

وحذائـِه الأوروبيِّ

لكن زوجـتَه اكتشفت فيَّ مواهبَ أخرى

خادمٌ أيضًا

والاختلافُ أنـِّي صِرتُ خادمًا في السرير ،

رأيتُ الفرحةَ في عينـها أولَ يومٍ دخلتُ فيه القصرَ ،،

وفي أولِ مأموريـَّةٍ خرجَ إليها أخبرتني عن شغفِها ورغبـتِها

في النومِ معي ، ما كانَ لي أن أرفضَ عرضًا كهذا ،

سيضمنُ لي حضنُها الرعايةَ والترقيةَ السريعةَ في القصرِ و

المالَ الوفيرَ ،، لم أرفضْ ولم أستسلمْ لنصيحةِ أبـي عندَ القطارِ

في آخرِ ساعةٍ لي قبلَ السفرِ ،، راودنـي صوتـُه كـثيرًا لكنني صمدتُ :

( من زنا في الغُربة لا عادَ منها سالمـًا ولا غانـمًا )

في فراشِها المهيبِ وفي سطوةِ الخمرِ العجيبِ قمتُ لأولِ مرةٍ

بالإعلانِ عن ذكورتي ،، نعم صِـرتُ شابًا عشرينيًّا يافعًا

يجدُرُ بـي أن أُجيدَ إدارةَ الوقتِ في الفراشِ

لتجدَ في كُـلِّ لحظةٍ طعمًا جديدًا للمُتعةِ لتعلمَ ألوانـًا جديدةً للنشوةِ

لـتُسمِعَنـِي نَغَمًا جديدًا للـتَّأوُّهِ والأنينِ

صارت كغزالٍ في قبضةِ أسدٍ لا يرحم

في الجيزةِ أنظرُ للهرمينِ ، والثالثُ تحتي

أحلمُ بأبي الـهُوْل بُراقــًا يحمِلُني ويطير ،، يطَّوَّفُ بـي في أرجاء أبو سِمبِل ،

والطيرُ يرفرفُ حولَ الشمسِ والقمرِ الساجدِ عندَ الأقصر

يهتفُ هاتف : يا أيـُّها الطيرُ ادخلوا إلى المعبدِ لا يذبحَـنَّكم رمسيسُ وجنودُه ،

قلتُ أنا طيروا في أرضِ الله الواحدِ ، طيروا ؛ لا يخشى القتلَ مجاهد ،،

يا ثـُريَّا اعلُ حتى تأتِنا ،، نحنُ الذينَ قُدِّست أسماؤهم في المعبدِ القديمِ

ظَلْتُ أقولُ وأبكي حتى داهمني صوتُ الضَّابطِ يأتي من المُكَـبِّر

مُهَدِّدًا إيايَ إن لم أنزل من فوقِ أبي الـهُوْل أن يُطلِقَ الـنَّارَ عليَّ ،

لكنني أبيتُ بفروسيَّةٍ وعنادٍ أستحقُّ عليهما

أن تُناديني الهانمُ بالحصانِ الأسودِ العَتِـيِّ ،،

ليتَها هنا الآن لتراني واقفًا مُتَحَدِّيًا كــُـلَّ عرباتِ الأمنِ المركزيِّ

وشرطةِ السياحةِ والضَّابطَ الذي لم يتوقف نداؤه وتهديدُه ،

ليتها تأتي وصاحباتـها ليعلمنَ جميعًا أنـِّي

ما أصابني العجزُ والخرفُ والشيبُ كما يدَّعينَ ،

ليس لبياض شعري ولا سواد وجهي علاقة بعَظَمَـتِي ،،

ليأتينَ وينظرنَ مع الناظرينَ آياتِ قوَّتي

و إعلاني على الملأ أنِّي هنا الإله دونَهم ودونَ كبيرِ آلهتِهم

حين قلتُ للهانمِ : أتعلمينَ سيدتي أبو الـهُوْل هذا بـُراقي

الذي سأُحَــلــــِّــقُ به للأعالي لأجلسَ عن يمينِ الشمسِ ،

صرخت في وجهي غاضبة ً :

" انت خلاص كبرت وخرفت وجنانك ده ميتسكتش عليه "

لم تدرك أنِّي صِرتُ إلـهًا توَّجني آمونُ هنا

كذلك لم يدرك الضابطُ حينَ أطلقَ الرصاصَ

لن أعبأ بالدمِ الخارجِ من صدري ، لن أبكيَ ،

لن أصرخَ منَ الألمِ ،

لن أسقطَ على هذهِ الملاءةِ العريضةِ التي

فرشوها لأسقطَ عليها

ها أنا آتي إليكَ يا أبـي

على جناحِ الملاك العظيم

انتظرني عندَ محطةِ القطارِ

سأبكي طويلا ً بينَ يديكَ

تمت

What next?

You can also bookmark this post using your favorite bookmarking service:

Related Posts by Categories