جريدة الصباح العربي ترحب بالزوار ... أنتم الآن في بيت المدّونين ... هنا الجروب الرسمي للجريدة على الفيس بوك .... لو عاوز تنشر معانا كل اللى عليك تبعت قصتك أو المقالة بتاعتك في رسالة على الميل أنتظرونا قريباً بالأسواق
الاثنين، 1 يونيو 2009

مسابقة القصة القصيرة  

التذكرة الملحوسة

قصة قصيرة
داليا شبانة

لي مع الاتوبيس حكايات وقصص كثيرة فكوني صحفية مغمورة أركض وراء الخبر أيضا أركض وراء الأتوبيس، لا يهم فأنا لازلت شابة وأستطيع التحمل إلا شئ واحد وهو التذكرة الملحوسة.

قررت أن أفعل شيئاَ، أن أتكلم فأنا صامته منذ استلمت عملي في المجلة منذ عدة اشهر. قصتي تتكرر كل يوم في الصباح الباكر، فأنا أول من يقف في محطة الأتوبيس متوجهة الى عملي حتى أن صديقي السائق أصبح يميز المحطة بوجودي فيها ، وما إن يراني حتى يتوقف بهدوء ولا يتحرك حتى يتأكد تماما أني جلست على كرسيي وأسمع منه نفس التحية كل يوم:

"صباح القشطه ياأستازه"

أبدأ أنا في إخراج الفكة من حقيبتي والتي أحرص أن تكون موضوعه داخل جيب خاص وجاهزة مسبقا حتى لا أعطل ذلك المتعجل دائماً "المحصل" ، وما إن أراه قادما نحوي حتى أحس بغصه في حلقي وتنقلب معدتي.

في ذلك اليوم حاولت التحكم في حالة القرف التي تنتابني:

ممكن لو سمحت ما تلحسش التذكرة؟

ألحس؟ مش فاهم يعني إيه

يعني ممكن ما تلحسش صوابعك لما تيجي تقطع التذكرة

أه ، ودي فيها ايه دي كمان

بقرف

نعم ياختي هي ناقصاكي انتي كمان

بلاش بأقرف لو مضايقة حضرتك ، اللي انت بتعمله ده ممكن ينقل أمراض من شخص للتاني، معروف إن اللعاب بيحتفظ بالميكروبات.

لعاب وميكروبات؟ أما جديده دي والله

أيوة باتكلم بجد دي حاجة علمية معروفة

شوفي يا ستي انا مستعجل وورايا شغل بس هارد عليكي، التذكرة ما بتتقطعش الا كده عشان ما اقطعش اكتر من واحده بالغلط وإلا هتحاسب عليها ، واذا مش عاجبك شوفي لك اتوبيس تاني

ما هو برضه اي أتوبيس باركبه التذكرة بتتلحس

يا فتاح يا عليم ، طب وأنا أعمل ايه في دي كمان

بسيطه خالص الحس للناس كلها وانا ما تلحسليش

تاني هتقولي الحس ، اعملي اشتراك وكده ماحدش هيلحس لحد

ما ينفعش أعمل إشتراك في أتوبيسات الجمهورية كلها

لا بقى انتي باين عليكي هربانة من الخانكه

لو سمحت كلمني بأدب زي مابكلمك

أنا مؤدب أكتر منك

التف حولي عدد غير قليل من الفضوليون وتطايرت التعليقات والنكات ، وخاصة أن صوت المحصل كان أعلى من صوتي حتى صديقي السائق تندر علي وقال وهو يضحك :

"يا أنسه هوة احنا هنا في محل أيس كريم".

نزلت من الأتوبيس وأنا ،أشعر بالظلم والغضب وكان لزاما أن اركب أتوبيس آخر وطبعا سأضطر أن أواجه بتذكرة ملحوسة أخرى.

ما إن اقترب نحوي المحصل شعرت بغضب أشد ورأيته يرفع يده تجاه فمه الكبير المغطى بشوارب تكاد تسقط من على جوانب شفتيه ويخرج لسانه الطويل المغمور باللعاب الكثيف ويقذف به بقوة الى داخل يده ثم انتقلت تلك الكتلة اللزجه الثقيلة والتصقت بالتذكرة التي وجدتها بين يدي، شعرت بالغثيان واحمر وجهي أكثر ، أدخلت يدي في حقيبتي ، ناولته النقود وانصرف على عجل.

في صباح اليوم التالي وقفت في المحطة كعادتي ورأيت الأتوبيس قادماً نحوي يسير بسرعة على غير العادة وكلما اقترب نحوي زادت سرعته أكثر ، أشرت بيدي حتى يلحظني ولكنه لم يتوقف ومر من أمامي كالبرق ، نظرت بتمعن لعل السائق

قد تغير ولكنه كان هو نفس السائق صديقي رايته ينظر إلى وعلى وجهه ترتسم ابتسامه لم أفهمها حتى اليوم.

تمت

What next?

You can also bookmark this post using your favorite bookmarking service:

Related Posts by Categories



1 التعليقات: to “ مسابقة القصة القصيرة


  •  

    تنم القصة عن عبقرية في تحويل الحدث اليومي العادي والتقاط لحظات كهذه يستدعي انتباه وابداع وفرتها القصة بوضوح .. شكرا علي امتاعك لنا بالقصة الراقية

    صداح عبيد - سوداني مقيم بالسعودية - لي محاولات متواضعة في القصة القصيرة